الثلاثاء، 10 يناير 2012

بشفافية/حيدر المكاشفي/هل تصدق: إنقلاب بعكاكيز!!

هل يمكن لأي أحد مهما كان غريراً وغبياً أو عبيطاً وأهبلَ أو حتى أهطلَ بـ (ريالة) أن يصدق أن هناك جهة ما أو مجموعة ما مهما بلغت بها الحماقة وسيطرت عليها روح المغامرة يمكن أن تفكر ولو تحت تأثير مخدر قوي مجرد فكرة في الاستيلاء على السلطة في أية دولة حتى ولو كانت دولة صغيرة جداً في حجم جزيرة توتي بقوة العكاكيز بلا دبابات مجنزرة ولا أسلحة أوتوماتيكية متطورة خفيفة أو ثقيلة ،بل بلا حتى أسلحة بالية متخلفة من شاكلة بندقية أبو عشرة وأبو خمسة ومرمطون ودق أب زرطه... لا اعتقد أن أحداً سيصدق ذلك ولو كان أحد الذين أذهبت الحروب عقولهم فاختلط عليه حابل الكلاشات والبنادق الآلية بنابل العصايات ومطاوى قرن الغزال ولا أعتقد أن جهةً ما مهما أصابها جنون السلطة يمكن أن تتجاسر وتتجرأ على دس عصيها داخل الدواليب وتحت الأرض من (بساطين) الخيزران وإلى عصى القنا المدببة والمضببة من تلك الشاكلة التي يستخدمها القصابون لترويض ثيران الذبح، لاخراجها عندما تحين ساعة الصفر ورفعها عالياً ثم الهجوم بها زرافاتٍ ووحدانا كما يفعل قبضايات بلاد الشام أو فتوات مصر في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي لتدين لهم بعدها السلطة إما بالاستيلاء عليها مباشرة بنجاح ثورة العكاكيز أو بأن تؤول إليهم بطريقة غير مباشرة عن طريق ما يحدثونه من تخريب وفوضى خلاقة تطيح بالنظام القائم وتحملهم إلى سدته بدلاً منه...
هذا بالطبع لا يمكن أن يُصدّق ولكنه للأسف يمكن أن يحدث وقد حدث وفي هذا السودان العجيب فقد قال الراوي وكان طفلاً وقتها عاصر تلك الاحداث وهو يرويها لأحفاده في عام 2055م قال الراوي وهو ينسب القول لراوٍ آخر سمع منه الحكاية ولكنه لم يقنع بالسماع فقط بل استوثق منها لاحقاً في دار الوثائق بعد اطلاعه على عدد من صحف تلك الفترة التي وثقت الحدث ونقلت وقائعه وكل الأقوال والأقاويل التي دارت حوله، قال: قيل ان مجموعة انتحارية متهورة ضاقت بها السبل فضاقت أخلاقها وصغر دماغها فركبت رأسها وعزمت على احداث فوضى تخريبية بالبلاد، إن حملتها للسلطة خير وبركة، وإلا فعلىّ وعلى أعدائي، ولكن عيون السلطان كانت مبثوثة في كل مكان، ساهرة ومفنجلة ومفتحة ع الآخر، ترصد بدقة ولحظة بلحظة أية حركة وسكنة تجري داخل هذه المجموعة وبين أفرادها بل أن السلطة تمكنت من زرع بعض عيونها داخل هذا الكيان فصارت تعرف عنه ما لا يعرفه رأسه المدبر عنه، وفي اللحظة المناسبة وقبل زمن وجيز جداً من توقيت التحرك الاجرامي لهذه المجموعة التخريبية قررت السلطة مداهمة المخربين ومباغتتهم ووضع حد لهذه العملية التي تكشفت كل خيوطها لهم، وما هي إلا سويعات إلا وكان كل قيادات هذه العملية الهمجية المفترضين داخل الزنازين ولم يقدموا لمحاكمة أو حتى يوجه لهم اتهام رغم استنفاذ كل فرص ومدد الحجز على ذمة التهمة الافتراضية التي يتيحها القانون، ورغم كل ما قيل عن انكشاف أمر المخطط منذ لحظة التفاهمات الأولى والتحضيرات الاولية والى كشف ساعة الصفر إلا أن أية جهة رسمية لم تتجرأ بعد على توجيه أية تهمة صريحة لأي فرد في هذه المجموعة التي أسموها تخريبية.... ولكن الأنكى والأفظع والأمرّ من ذلك يقول الراوي إنه وبعد مرور قرابة الثلاثة أشهر من بداية هذه الحكاية تقرر لجنة التحقيق الثانية التي استلمت عملها من لجنة سابقة أحالتهم الى جهة أخرى بعد ان شبعت هي من التحقيق معهم، تقرر هذه اللجنة أن يسافر بعض أعضائها الى مكان خارج العاصمة الخرطوم بل يبعد عنها مئات الكيلو مترات للتحري والتقصي حول السلاح الذي قيل إن المجموعة كانت ستستخدمه في عمليتها الاجرامية التخريبية، وهنا اعتراض الراوي صوت شافع لميض ولضيض قائلاً «معقولة يا جدو أصلو ديل كان حيعملوا انقلاب بالعكاكيز... الانقلابيون في الخرطوم والمستهدفة هي العاصمة والسلاح مدفون في جنوب كردفان والمخطط لم تبقَ من ساعة صفره سوى أربعة وعشرين ساعة... دي يفهموها كيف يا عالم... فهّامه لله يا محسنين
....
الخميس, 04 اكتوبر, 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق