الثلاثاء، 10 يناير 2012

حسن ساتي/سيناريو/دم دارفور .. بين القبائل العربية وبي بي سي .. «2 - 2»

لو كنت مكان سائر الحركات التي تصدرت أزمة دار فور لجلست الى نفسي وطرحت منظومة من الأسئلة، وحاولت قدر المستطاع أن أجد لها ما تيسر من الإجابات، وصولا، وكما يقتضي فقه السياسة، إلى رؤية وصورة واضحة أقرب إلى الصور التي تنتجها لك معامل فرز الألوان . ومن بعد أبعدت ، قدر المستطاع ، هذه القضية الأزمة عن الشخصنة ، بمعنى إخراج مؤامرة النفس ، وهي أمارة بالسوء كما أورد التنزيل ، عنها ، مستظلا بالوطنية ، مع أن هذا المعنى ، وهذه القيمة ذاتها ، أي الوطنية ، يقول لك بعض الفلاسفة عنها ، أنها تبقى أحيانا الملاذ الأخير للأوغاد . وكم يعجبني هذا التوصيف لها ، لأنه وباسمها خوننا كثيرون من مدمني ثقافة التقلية وأم فتفت ، فمددنا من سنين المنافي لعل وعسى ، وبسببها هاجر من هاجر من الفنانين والشعراء في العالم الثالث ، ومنهم ناظم حكمت الذي لم يجد بدا من أن يصرخ في قصيدة حملت عنوان مرثية الى كلب ، قائلا :
حملوا الشاعر للفردوس يوما فصرخ ..
وطني .. ثم مات ..
وقبل الأسئلة ، دعونا نقول بدءا أن هناك أزمة ومشكلة مع دارفور ساهمت فيها ثقافة الاستسهال السائدة لدى عقلنا الجمعي في السودان ، وهو مصطلح أحتفظ لنفسي ببراءة الإختراع فيه . وقد روّجت لثقافة الإستسهال هذه ورعتها وجذرتها حقبة الإنقاذ لحد أصبحنا فيه نواجه قرارات االشرعية الدولية ب ( الحليفة ) ، مثلما ظللنا نتحدث عن فوزنا بكأس العالم في أي مونديال قادم ، ومثلما يتجاوز بعضنا حدود الأحلام المشروعة كحق ليعانق الأوهام ، فيظن إنسان فقير الإمكانيات أنه يمكن أن يفعل أي شيئ في الوجود ، بدءا من الفوز بحسناء ، ونهاية بأن يصبح مليارديرا ينافس بيل غيتس .
والمهم ، وعودة للحركات الدافورية والأسئلة ، وعلى كثرتها ، نتخير منها :
 ما الذي جعل كل هذا العالم يقف على أطراف أصابعه ليصطف من بعد خلف عقوبات على السودان ، وذلك بالطبع دون إخراج ثقافة الإستسهال من الإجابة ، ولكن دون تركها وحدها كما لو أنها العامل الوحيد في تفاقم هذه الأزمة .
 ما الذي جعل دولا مثل ألمانيا وفرنسا وبريطانيا وأميركا تقطع على مستوى مسؤوليها لقادة دبلوماسيتنا ، وبينهم بالطبع الحصيف لام أكول ، بأن هذه الأزمة أصبحت قضية رأي عام داخلي ، وهي ليست كذلك ، أو على الأقل بالمعنى الدقيق للمصطلح ؟
 ما الذي جعل بعض عواصم الإقليم تدخل هذه القضية وتدخلها في مزادات سرية وعلنية فيما بينها ، وفيما بين العواصم ذاتها والحركات الدارفورية ؟.
 ما الذي جعل الإتحاد الأفريقي يطبخ أبوجا وجبة منزوعة الدسم ثم يعلن أنه لن يمضي بمهامه في حفظ السلام ليتبلور السيناريو وصولا للقوات الهجين وهو الذي حرم الرئيس البشير من رئاسة الإتحاد الأفريقي مرتين واضعا نفسه موضع الأبوة في هذه الأزمة وهو الذي وضع أصلا مشروع قوة سلام لا تتناسب ومساحة دارفور؟
 ما الذي جعل القمة العربية تتحدث عن تمويل قوات السلام ثم لا تفي بوعدها لتسهم في الوصول ل1706 ثم 1769 . وهل من ضمان أن نفس الذي تقاعس ستأخذه الحمية ليدفع في إعمار دارفور ويوفي بإلتزامته في المؤتمر القادم ؟
 هل من بين سطور كل هذه الأسئلة ما يوحي بأن هناك سيناريو وأجندة خفية تجاه وحدة السودان ، إصطفت لها أفريقيا والعالم العربي ، عن علم ، وهذا وارد ، أو عن جهل ، والمصيبة هنا أعظم ؟.
 إذا كان سياق الأحداث يقترب من توكيد مثل هذا السيناريو، فأين نحن كحركة مسلحة منه ومن نتائجه؟ وهل من المستبعد، لدى صناع الأجندة الخفية أن نكون كرموز ، ونحن وقود هذه الأزمة حاليا ، في يوم ما عابرين فيها إن بالسيف أو بغيره.
تلك بعض أسئلة وغيرها كثير ، وطرحها يحتاج الى عقل وقلب ، فأما العقل فجهده معروف ، وأما القلب فهو مصحف البصر كما قال إمام المتقين علي بن أبي طالب ، وآخر تذكيري ، للحركات رحيل العظيم جون قرنق بتلك الصورة التي لا يزال البعض يظن بسذاجة أنها بريئة من أيد أجنبية .
وأقول بذلك ، لأنه ومن غير حساب دقيق ، بنفوس صافية ، وعقول متقدة ، سيتفرق دم دارفور بين قبائل العرب وأفريقيا وعواصم الإقليم ، ثم أخيرا بين قبائل دارفور ذاتها ، فيقبل الجميع بعضهم على بعض يتلاومون ليتحدثوا ولسان حالهم جميعا : يا إلهي .. السودان الوطن الذي كان .
السبت, 06 اكتوبر, 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق